إعلان المملكة

من طرف شريف عبد الله الأحد 25 نوفمبر 2012, 7:47 am

أظن أن عزاء المشير والفريق أثبت أنه لا مشكلات ولا حنق أو ضيق من ناحيتهما ضده ولا يحزنون، وأن كل شىء تمام، وأنهما فى رضاء تام عن حالهما الذى وصلا إليه ويبتغيان فضلا زائدا، وهو الرضا وعدم الاحتكاك بهما ما تبقى لهما من العمر، وهو المكمل لاحتفاظ الدكتور مرسى بالداخلية كما هى دون تغيير أو محاولة للتغيير لا فى العقيدة ولا الفلسفة ولا بإعادة هيكلة أو تطهير لأن كل ذلك بالأساس ضد ما يريده فكل هذه الأشياء تعنى أننا سوف نسير إلى دولة ديمقراطية، وللأسف فالمطلوب هو العكس تماما، وبالتالى فيجب الحفاظ على اليد التى ستبطش عندما يريد أو التى يمكن أن تكون حائط صد تشيل الليلة وتتحمل عواقبها ويظل هو بعيدا أو هو والجماعة بعيدىن حين اللزوم، وهو ما يفسره أيضا أن يخرج على المصريين على أثر أحداث محمد محمود الثانية واستشهاد شاب وإصابة الكثيرين ليتحدث عن تحصين مجلس الشورى و«التأسيسية»، وكأن عدم تحصينهما هو الذى تسبب فى استشهاد جابر أو إصابة الشباب، والأظرف والألطف من ذلك هو التوجه إلى نقل تبعية الأمن الوطنى إلى رئاسة الجمهورية فى إعلان عام وهام، أنه لا شىء إلا أن تخدم هذه الأجهزة بكل ما فيها الرئيس الجديد.

أما تحرك الإعلان الدستورى المُعدّ سلفًا بالطبع كما أعلن الدكتور مرسى فى صلاة الجمعة قبلها أنه لا يريد أن يتخذ إجراءات استثنائية، لكنه لو اضطر فسيفعل، وأهو فعل، بالضبط كنزول شباب الجماعة أمام مكتب النائب العام لمساندة قرار لم يصدر بعد لكنه عند النائب العام، اتضح للذى لا يَرى كيف تُتخذ القرارات الآن ومن الذى يتخذها والأسوأ من ذلك هو الاعتماد على أفراد الجماعة فى تمرير كل قرار رئاسى، والذى سيستمر بالطبع.

ما الذى يجعله أو يجعلهم لا يبدؤون فى إرساء دائم للدولة الديكتاتورية غير المسبوقة ولديهم أفراد جماعتهم مستعدين لأى شىء وفى أى وقت ومحصَّنين بدعم أمريكى ورضاء إسرائيلى أثبتوه عمليا وأثبتوا للأمريكان ولأوباما أنهم على عهدهم معهم بحماية إسرائيل وتقديم أكثر مما كان يقدمه مبارك، وهو ما سيرفع من أسهم أوباما بالقطع فى أمريكا، ويجعله يفيض فى الدعم للحليف الجديد الذى لن يحمى إسرائيل فقط ويؤمِّنها ويعمل ما على هواها، لكن أيضا اللاعب الجديد فى الشرق الأوسط الذى سيقوم بدور ربما يغير من خريطته كليا، ويقلب موازين القوى فيه، والقادم طبعا إيران بمنطق الشيعة والسنة.

ليس هذا فحسب بل إن الرئيس والجماعة محصّنان أيضا بخط ظهر قوى استرضوه على مدى الأشهر الفائتة بإخراج كثير من أعضائهم من السجن من المنتمين إلى الجناح الإسلامى المتشدد، وأرضوا آخرين بتعيينهم فى بعض المناصب مختلفة المقام من أعضاء فى «التأسيسية» وتصل إلى رئيس مدينة.

كيف بالله عليك يُخشى أن يصدر إعلان دستورى كهذا يؤسَّس به لفرعونية جماعته وقد اطمأن تماما لأن حصونه منيعة وكبيرة من أمامهم وخلف ظهرانيهم، كيف يخشى أن يجر البلاد إلى دائرة سوداء يمكن أن تنتهى بعنف كحرب أهلية وهو يرى نفسه قادرا على الخروج منها منتصرا وكاسحا وضاربا عصافير بحجر، فساعتها سيكون فتح المعتقلات وزج المعارضين بداخلها مُبرَّرًا، وقد نص لنفسه فى إعلانه الدستورى على مادة تسمح له بفعل ما يرى.

ما الذى يمكن أن يخشاه وهو الذى سيكتب الدستور ويحدد فيه صلاحياته واللى عاجبه يرجع على كده يرجع وينسى تماما وبسرعة البرق إقراره منذ عدة أشهر بأن اللجنة التأسيسية غير متوازنة، ولا تمثل أطياف الشعب وأنه ملتزم بإعادة تشكيلها، فإذا به يصدر إعلانا طويلًا عريضًا ويمد عملها دون إعادة تشكيلها لأنه ببساطة لن يسمح لأحد بمشاركة جماعته فى كتابة الدستور.

ثم من ذا الذى سيذكّره بما وعد به منذ أشهر قليلة؟ وأين؟ هل هى وسائل الإعلام مثلا؟

بالقطع لا، فالهجمة القادمة بعد المقدمات السابقة هى على وسائل الإعلام مكتوبة ومرئية والوسائل لذلك كثيرة، ولا شىء أسهل من الضرب فى رجل أعمال.

الغائبون عن أذهانهم كما كانوا غائبين عن أذهان مبارك والمجلس العسكرى هم المصريون الذين لا أظنهم سيغيبون عن المعادلة كثيرًا فهم يحضرون بين الحين والآخر للحسم.

والله سبحانه وتعالى مطلع وحذر فى كتابه أنه مُهلِك الفراعنة عندما يعلنون أنفسهم آلهة.. لكن مَن يتعظ؟!

ثورة الشعب ستنتصر ولن تضيع.

ناصر عبد الحميد