توبيخ المشككين في القرآن
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
توبيخ المشككين في القرآن
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرحبا الساع للجميع
من كنوز البلاغة القرآنية
توبيخ المشككين في القرآن
للكاتب د . عادل أحمد الرويني
قال تعالى: “وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار . .” (البقرة ،23 -24) .
السؤال: ما مدلول الباء في قوله سبحانه “فأتوا بسورة”؟ وما مدى تجاوبها مع التحدي بمعارضة القرآن الكريم في الآية؟
- الجواب: تجاوبت الباء بدلالتها على الملابسة واللصوق والالتزام مع التحدي في الآية الكريمة، حيث تلمس فيها إرشاداً لهؤلاء الكفار المعاندين بدوام الوقوف أمام القرآن وبمعاودة عرض سورة أمام عقولهم وتفليتها سورة سورة ليختاروا منها بعد عكوف وتأنٍ طويلين ما يستطيعون به معارضة القرآن . وفي هذا تبكيت لهم وتخجيل، حيث إنهم يوجهون إلى الطرق التي يظن أنها تعينهم على المعارضة كما سيأتي أيضاً في قوله تعالى: “وادعوا شهداءكم” والله أعلم .
قمة التحدي
السؤال: ما سر إثبات (مِن) في قوله سبحانه “فأتوا بسورة من مثله” وسقوطها في قوله تعالى: “أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات . .” (هود 13) .
وقوله تعالى: “أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله” (يونس 38)؟
- الجواب: تعددت آراء المفسرين والبلاغيين في توجيه إثبات (من) في آية البقرة، فذكروا أن (من) في الآية إما أن تكون ابتدائية إن عاد الضمير في (مثله) إلى المُنزل عليه، وإما أن تكون للبيان إن عاد الضمير إلى (المُنَزل)، أو أن تكون زائدة أو تبعيضية .
والحقيقة أنني لم أجد في تلك الآراء ما يشبع نهم الباحث، وما يروي ظمأه البلاغي . وقد كانت لي نظرة أخرى متأنية ربما لم ينتبه إليها أحد من الذين قرأت لهم .
إننا إذا تأملنا آيات التحدي المذكورة في سور الإسراء وهود ويونس، وهي سور مكية، نجد أن التحدي فيها لم يكن مباشرة وإنما كان بواسطة “قل لئن اجتمعت”، “قل فأتوا” فالتحدي فيها بواسطة الرسول صلى الله عليه وسلم، لذا كان التحدي أولاً بمثل القرآن، ثم خفف إلى عشر، ثم خفف إلى سورة واحدة من القرآن الكريم . أما آية البقرة فقد جاء التحدي فيها مباشرة من الله تعالى لهؤلاء المعاندين، فقد أسقطت الواسطة (قل) في قوله: “وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله” حيث لم يقل: “قل فأتوا”، فالتحدي هنا مباشر من الله تعالى، وهذا ناسبه الترقي في التحدي الذي وصل إلى غايته في آية البقرة؟ لذا أثبتت (من) لتدل على التبعيض، والمعنى: “فأتوا ببعض سورة من مثله” . وهذا هو الفرق في المعنى بين هذه الآية وآية يونس، لأن المراد هناك: “فأتوا بسورة من مثله” ولكن في البقرة وصل الترقي في التحدي إلى قمته، لذا أثبتت (من) فيها، لترضي عنان التحدي وليصل التساهل إلي قمته وكل هذا تناسب وجلال الخالق سبحانه، لأنه المتحدي المباشر في هذه الآية الكريمة .
ولتنظر في تكرار نون العظمة في قوله تعالى: “نزلنا على عبدنا” وما تضيفه من الهيبة والعظمة ناسبها أن تكون آية البقرة آخر آيات التحدي نزولاً لتبقى إلى أن تقوم الساعة تقرع آذان كل متحدٍ أو معارض، وتزلزل كيان كل مرتاب، ليكون عجزهم بعد ذلك أبلغ .
ولعل مما يساعد على إدراك قوة هذا التحدي وغايته ما أتبعت به آية التحدي في البقرة من قوله تعالى: “فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا . .” فهذا نفي وتأكيد لعدم القدرة على المعارضة حالاً ومآلاً . وهذا التحدي المزلزل كما قلنا مباشر من الله تعالى من دون واسطة . ولعلك تلحظ أن نبرة التحدي تهدأ قليلاً في سورتي يونس وهود كما في قوله “وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين” لأن التحدي بالمعارضة لم يكن مباشراً كما في البقرة، ولكن جاء بواسطة الرسول صلى الله عليه وسلم، لذا كان أقل حدة وأهدأ نبرة . والله أعلى وأعلم .
مطالع ودلالات
السؤال: ما وجه ارتباط آيات التحدي في البقرة ويونس وهود والإسراء بمطالع سورها؟
- الجواب: في “البقرة” جاءت آية التحدي بعد بيان قاهر “فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا” تناسباً مع المطلع “الم ذلك الكتاب لا ريب فيه” وبياناً لكمال الكتاب ونفياً لكل ريب يخدش هذا الكمال .
وأضيف وجهاً آخر من وجوه الترابط بين آية التحدي في سورة البقرة ومطلع السورة ألا وهو أن سورة البقرة هي الوحيدة التي كان التحدي فيها مباشرة من دون واسطة (قل) كما سبق بيانه، وهذا يتناسب وبداية مطلع السورة الذي لم يرد فيه ذكر للرسول صلى الله عليه وسلم، ولنقرأ بداية مطلع السورة: “ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين” (البقرة 2) .
أما في سور يونس وهود والإسراء فإننا نلحظ أن مطالعها فيها إشارة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا من وجوه ارتباطها بآيات التحدي للمشركين، حيث جاء التحدي بواسطة (قل) . وبيان ذلك بالتفصيل: أن سورة يونس افتتحت بقوله تعالى: “الر تلك آيات الكتاب الحكيم أكان للناس عجباً أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس وبشّر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم . .” (يونس 2)، فهنا ذكر للرسول صلى الله عليه وسلم، “رجل منهم”، وفي قوله: “قل فأتوا” جاء التحدي بواسطة الرسول صلى الله عليه وسلم، كما أن قوله في آية التحدي في سورة يونس “أم يقولون افتراه” مناسب لقوله سبحانه: “قال الكافرون إن هذا لساحر مبين” . والترابط واضح بين السحر والافتراء فكلاهما كذب وتدليس واختلاق . وهناك وجه آخر يربط الآية بمطلع السورة ومقصودها حيث إن سورة (يونس) من أكثر السور (إثباتاً للوحي وللرسالة وتحدياً بالقرآن وبياناً لإعجازه) .
وقوله في صدر السورة “أوحينا إلى رجل منهم” يشير إلى أمرين هما: (صدق الوحي لأنه من الله، وصدق الرسول الذي جاء به . وهذان الأمران هما متعلق الإنكار ومثار العجب) .
وقد كانت شبهاتهم في آية التحدي في (يونس) أنه صلى الله عليه وسلم افتراه، وقوله تعالى: “أوحينا إلى رجل منهم” رد على شبهتهم تلك، أما مطلع آية (هود): “الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ألا تعبدوا إلا الله إنني لكم منه نذير وبشير” (هود ،1 2) .
فدلالة المطلع مشيرة إلى الكتاب المتحدى به، ومشيرة إلى صدقه صلى الله عليه وسلم، وفي هذا ارتباط وثيق بقوله في آية التحدي “أم يقولون افتراه” . وهذا قبس من قوله: “فإنني لكم منه نذير وبشير” حيث فيه رد عليهم في صدر المطلع . وهذا دليل على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم وما جاء به .
وقوله في آية التحدي: “وادعوا من استطعتم من دون الله . .” ناظر إلى ما ذُيلت به الآية الأولى “حكيم خبير” فأنى لمخلوق أن يأتي بما أتى به الحكيم سبحانه في أفعاله، الخبير بكيفيات الأمور؟!
أما آية التحدي في الإسراء، فلأن التحدي فيها وقع بواسطة (قل) كما في هود ويونس فإننا نجد الرسول صلى الله عليه وسلم مذكوراً بصفة العبودية في صدر السورة “سبحان الذي أسرى بعبده” . وقوله في آية التحدي: “قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا” ناظر قوله تعالى في صدر السورة “سبحان” فهذا العجز المطبق من الإنس والجن مع اجتماعهم للإتيان بمثل القرآن تقابله القدرة المطلقة والتنزيه الكامل عن كل نقص في حق الخالق جل جلاله .
وأخيراً فمن المفيد الإشارة إلى أن مطالع سور (البقرة يونس هود) بدأت بالحروف المقطعة الدالة على التحدي كما ذهب إلى ذلك أغلب المفسرين . وتلك علاقة وثيقة بين آيات التحدي ومطالع سورها . والله أعلى وأعلم .
تعجيز وإفحام
السؤال: ما الغرض من الأمر في قوله: “وادعوا شهداءكم . .”؟
- الجواب: الغرض من الأمر التعجيز والإفحام والإرشاد، وجاء معطوفاً على قوله: “فأتوا بسورة من مثله” والتقدير: ائتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم . كأنه قيل: تركنا إلزامكم بشهداء الحق إلى شهدائكم المعروفين بالدفاع عنكم فإنهم أيضاً لا يشهدون لكم .
السؤال: ما المقصود من الدعاء والشهداء في قوله تعالى: “وادعوا شهداءكم . .”؟
- الجواب: المقصود من الدعاء الاستعانة، وهو (كناية مبنية على النداء) لأن الشخص إنما يُنَادى ليستعان به، ومنه قوله تعالى: “أغير الله تدعون” (الأنعام 40) . والله أعلم . ومعنى (شهداءكم) أعوانكم وأنصاركم على سبيل الكناية، فالشاهد يؤيد قول المشهود فينصره على خصمه . والله أعلم .
السؤال: كيف ذكر الشهداء هنا، وإنما يكون الشهداء ليشهدوا أمراً أو ليخبروا بأمر شهدوه، وقد قيل لهم: “فأتوا بسورة من مثله” وهم لم يأتوا بشيء ليشهد عليه الشهداء؟
- الجواب: المعنى في الآية كما قال مجاهد: استعينوا بمن وجدتموه من علمائكم وأحضروه ليشاهدوا ما تأتون به فيكون الرد على الجميع أوكد في الحجة عليهم . والله أعلم .
السؤال: ما معنى (دون)؟ وما فائدة ذكر قوله: “من دون الله” إذ كان من الممكن أن يقال: “وادعوا شهداءكم إن كنتم صادقين”؟
- الجواب: معنى (دون) أدنى مكان من الشيء، و(دون) نقيض فوق، وهو تقصير عن الغاية . والدون: الحقير الخسيس كما قال الشاعر:
إذا ما علا المرء رام العلاء
ويقنع بالدون من كان دُونا
ثم استعير للتفاوت في المنازل المعنوية تشبيهاً بالمراتب الحسية، كقولنا: هو دون فلان شرفاً .
والمعنى المراد منه في الآية: من غير الله . وفي التعبير بقوله “من دون الله” توبيخ للكفار، لأنهم لم يرضوا بشهادة رب الأرباب ورضوا بشهادة العاجز الضعيف المحتاج ولجأوا إليه واستعانوا به وفي قوله “وادعوا شهداءكم من دون الله . .” إدماج حسن؟
حيث أدمج توبيخهم على الشرك في أثناء التعجيز عن المعارضة . وهذا الادماج من أفانين البلاغة . والله أعلم .
السؤال: ما نوع (من) في قوله “من دون الله”؟
- الجواب: (من) ابتدائية، والمعنى: “ادعوا إلى المعارضة من ينصركم بزعمكم” .
السؤال: لِمَ أوثر استخدام أداة الشرط (إن) على (إذا) في قوله تعالى: “إن كنتم صادقين”؟
- الجواب: (إذا) أداة شرط غير جازمة تدل على تحقق وقوع الشرط، بخلاف (إن) التي تدل على الشك في تحقق الشرط، وفي إيثار (إن) الشرطية في الآية تعريض بكذبهم، لأن صدقهم غير محتمل الوقوع، وفي هذا التعريض إلهاب لحماسهم لتتوفر دواعيهم في معارضة القرآن .
والمعنى: إن كنتم صادقين في معارضة القرآن، لقولهم في آية أخرى: “لو نشاء لقنا مثل هذا” .
أو: إن كنتم صادقين في زعمكم في أنه كلام البشر .
وهذه الجملة أكدت التحدي في قوله تعالى: “فأتوا بسورة من مثله . .” وكررته، وجواب الشرط محذوف تدل عليه جملة مقدرة بعد جملة “وادعوا شهداءكم من دون الله” إذ التقدير: فتأتون بسورة من مثله . والله أعلم .
عقول سخيفة
السؤال: ما الغرض من الالتفات من التكلم إلى الغيبة في قوله تعالى: “وادعو شهداءكم من دون الله” حيث كان الظاهر أن يقال: “وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دوني”؟
- الجواب: الالتفات بذكر اسم الجلالة الأعظم لزيادة تبكيتهم وتوبيخهم لكفرهم بما أنزله الخالق الأعظم على رسوله صلى الله عليه وسلم، ولتربية المهابة وإدخال الفزع في قلوبهم . أو للإيذان بكمال سخافة عقولهم حيث آثروا على عبادة مَن له الألوهية الجامعة الكاملة عبادة من لا أحقر منه ولا أخس إذ إنه لا يضر ولا ينفع ولا ينصر ولا يشفع . والله أعلم بمراده .
أميرة بكلمتي- عضو راقى
- عدد المساهمات : 1832
تاريخ التسجيل : 09/08/2010
رد: توبيخ المشككين في القرآن
يسلمووووووووووووو
جزاكي الله خيرا
جزاكي الله خيرا
عذاري- منسق تابع للإداره
- عدد المساهمات : 12704
تاريخ التسجيل : 07/08/2010
الموقع : سلطنه عمان
رد: توبيخ المشككين في القرآن
جزاكى الله كل خير
وجعله فى ميزان حسناتك
وجعله فى ميزان حسناتك
أمة الله- عضو متألق
- عدد المساهمات : 104
تاريخ التسجيل : 11/09/2010
مواضيع مماثلة
» الرد على خطأ رئيس مصر فى تفسير القرآن الكريم ..
» أنواع القلوب في القرآن الكريم
» ابن العامين يحفظ 20 سورة من القرآن
» تعرفي على شخصيتك من خلال القرآن
» قصص القرآن للمؤلف محمد موفق سليمه
» أنواع القلوب في القرآن الكريم
» ابن العامين يحفظ 20 سورة من القرآن
» تعرفي على شخصيتك من خلال القرآن
» قصص القرآن للمؤلف محمد موفق سليمه
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى