القمة والاستدراك الأخير
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
القمة والاستدراك الأخير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرحبا الساع للجميع
مقال القمة والاستدراك الأخير للكاتب يوسف الحسن
ما يصيب الشعوب العربية بالذعر والإحباط، هو هذه المتوالية من القمم العربية، والتي تبدو بلا فعالية، في ظل عجز عن تصويب البوصلة القومية المصابة منذ زمن بعطب بالغ .
نعرف أن الذي يقع على كواهل أهل القمة، وهي تجتمع استثنائياً في سرت اليوم، رغم تباين المسؤوليات، قد تنوء به الجبال . لكن التاريخ لن يرحم أمة فيها وفرة من الموارد والعقول والخبرات، وتواجهها كومة هائلة من المخاطر والتحديات، إلا أنها أدمنت الاشتباك بين أبنائها، ودُوِّلت قضاياها الحيوية والوطنية، وصار تعليمها متأخراً، وتنميتها مشوهة، ونسيجها الأهلي مخلخلاً، واستقلالها منقوصاً، وثقافتها جدباء، وأمنها القومي مكشوفاً، وسيادة القانون غائبة .
ما الذي أوصل مجتمعات هذه الأمة إلى هذا المأزق، والأزمة العميقة المركبة؟ ما الذي أدى إلى عجز الدولة العربية عن إدارة العلاقات بين الناس بما يضمن العدل والأمان، فغرقت الأمة في مناخ الفتن الطائفية والمذهبية والعرقية، وأجواء التشنج والاحتقان والتفسخ والنزاع، حتى دُفعت الأمة للتجمد في هذا الزمن، وصارت العلاقات بين الدولة والمجتمع مريضة ودخلت المجتمعات في دورات كاملة من الفساد والترهل تتزايد بإيقاع سريع، وغضب داخلي مكبوت، واستغاثات مخنوقة للملايين من المهمشين واللاجئين والفقراء .
هل أصبح الاستدراك متعذراً، والوقت متأخراً، ولم يبق سوى التسليم ورفع الرايات البيض؟
هل انكسرت كل مفاتيح القمم العربية في القفل العنيد للأزمات العربية المركبة، أم أنها تربويات الفرار من العلاج، ومواجهة الذات، هي التي أوصلتنا إلى هذه الأوضاع البائسة، في السياسة والتنمية والثقافة والتعليم وإدارة الشأن العام والأخلاق؟
ألم ندرك بعد أننا نُطرد الآن من التاريخ، بيدنا أو بيد غيرنا سيًّان، ونطرد من الجغرافيا، وكذلك من اللغة آخر حصوننا الآفلة، ونتذرر؟
ألم ندرك بعد مدى الاستخفاف الإقليمي والدولي في مكانتنا، وبخاصة حينما تتصرف “إسرائيل” كأنها تعيش في إقليم وعالم مرتهنين لها، ولا يطمحان إلى ما هو أبعد من رضاها؟
بأي وجه ستقابل القمة العربية قادة إفريقيا، وبأية موازين قوى وبأية تحالفات وبرامج؟
بعد أكثر من ثلاثة وثلاثين عاماً، تنعقد القمة العربية الإفريقية الثانية، والعرب غير العرب، وكذلك الأفارقة . . الكل في المنطقتين مشتبك ببعضه، وموجة التحرر والاستقلال انتهت، وأشكال جديدة من الاستعمار الجديد والتبعية والوجود الأجنبي والأحلاف وسياسات الإفقار والحروب، وصلت في إفريقيا إلى حد الإبادة الجماعية، وتربة الاستقلال في أكثر من مكان أصابها الإنهاك واحتمالات التفتت .
رغم كل هذا الظلام، فإن “شعوبنا” (الشعب العربي) ما زالت تنتظر أن تنفتح كوة الأمل في الجدار، ونبدو كعرب، لم نُدر بعد ظهورنا للقمم العربية، وما زالت قلة حية في أمتنا لا تنوي تصديق كل هذا الإحباط واليأس، ولا الامتثال له، رغم عجز سلسلة القمم السابقة عن ترجمة نداءات العقلنة والاستدراك والنهوض، إلى سياسات وبرامج يلتئم فيها الوطني والقومي في آن .
العربي اليوم يحلم بقمة تعلن البراءة من الإحباط والترويع المقرر على هذا الجيل، ويحلم بقمة تعلن العصيان على الزهايمر السياسي الذي هرَّب العمل العربي المشترك، وعَرَض تطلعات الأمة، في مزادات التدويل السرية والعلنية، وشحن مجتمعات عربية عديدة بالفتن والتوتير على مدار الساعة، وبخّر وعود التحرير والعودة للفلسطينيين، حتى صارت دولتهم الموعودة كلما دنت نأَت .
العربي اليوم يتطلع إلى قمة يتجاوز بها وعكته القومية، وما يعيشه من خذلان ونزيف وإنهاك نفسي ومعيشي، وخلل في سلمه الأهلي ولا يقين في المستقبل .
الاستدراك مطلوب، من خلال المراجعة والنقد الذاتي، وتعزيز ثقافة لا تتواطأ على الخلل، وخطاب لا يتستر على العيوب والخطأ، ولا يصمت على متواليات الخراب والغلو .
استدركوا يرحمكم الله، قبل البكاء على الاطلال .
مرحبا الساع للجميع
مقال القمة والاستدراك الأخير للكاتب يوسف الحسن
ما يصيب الشعوب العربية بالذعر والإحباط، هو هذه المتوالية من القمم العربية، والتي تبدو بلا فعالية، في ظل عجز عن تصويب البوصلة القومية المصابة منذ زمن بعطب بالغ .
نعرف أن الذي يقع على كواهل أهل القمة، وهي تجتمع استثنائياً في سرت اليوم، رغم تباين المسؤوليات، قد تنوء به الجبال . لكن التاريخ لن يرحم أمة فيها وفرة من الموارد والعقول والخبرات، وتواجهها كومة هائلة من المخاطر والتحديات، إلا أنها أدمنت الاشتباك بين أبنائها، ودُوِّلت قضاياها الحيوية والوطنية، وصار تعليمها متأخراً، وتنميتها مشوهة، ونسيجها الأهلي مخلخلاً، واستقلالها منقوصاً، وثقافتها جدباء، وأمنها القومي مكشوفاً، وسيادة القانون غائبة .
ما الذي أوصل مجتمعات هذه الأمة إلى هذا المأزق، والأزمة العميقة المركبة؟ ما الذي أدى إلى عجز الدولة العربية عن إدارة العلاقات بين الناس بما يضمن العدل والأمان، فغرقت الأمة في مناخ الفتن الطائفية والمذهبية والعرقية، وأجواء التشنج والاحتقان والتفسخ والنزاع، حتى دُفعت الأمة للتجمد في هذا الزمن، وصارت العلاقات بين الدولة والمجتمع مريضة ودخلت المجتمعات في دورات كاملة من الفساد والترهل تتزايد بإيقاع سريع، وغضب داخلي مكبوت، واستغاثات مخنوقة للملايين من المهمشين واللاجئين والفقراء .
هل أصبح الاستدراك متعذراً، والوقت متأخراً، ولم يبق سوى التسليم ورفع الرايات البيض؟
هل انكسرت كل مفاتيح القمم العربية في القفل العنيد للأزمات العربية المركبة، أم أنها تربويات الفرار من العلاج، ومواجهة الذات، هي التي أوصلتنا إلى هذه الأوضاع البائسة، في السياسة والتنمية والثقافة والتعليم وإدارة الشأن العام والأخلاق؟
ألم ندرك بعد أننا نُطرد الآن من التاريخ، بيدنا أو بيد غيرنا سيًّان، ونطرد من الجغرافيا، وكذلك من اللغة آخر حصوننا الآفلة، ونتذرر؟
ألم ندرك بعد مدى الاستخفاف الإقليمي والدولي في مكانتنا، وبخاصة حينما تتصرف “إسرائيل” كأنها تعيش في إقليم وعالم مرتهنين لها، ولا يطمحان إلى ما هو أبعد من رضاها؟
بأي وجه ستقابل القمة العربية قادة إفريقيا، وبأية موازين قوى وبأية تحالفات وبرامج؟
بعد أكثر من ثلاثة وثلاثين عاماً، تنعقد القمة العربية الإفريقية الثانية، والعرب غير العرب، وكذلك الأفارقة . . الكل في المنطقتين مشتبك ببعضه، وموجة التحرر والاستقلال انتهت، وأشكال جديدة من الاستعمار الجديد والتبعية والوجود الأجنبي والأحلاف وسياسات الإفقار والحروب، وصلت في إفريقيا إلى حد الإبادة الجماعية، وتربة الاستقلال في أكثر من مكان أصابها الإنهاك واحتمالات التفتت .
رغم كل هذا الظلام، فإن “شعوبنا” (الشعب العربي) ما زالت تنتظر أن تنفتح كوة الأمل في الجدار، ونبدو كعرب، لم نُدر بعد ظهورنا للقمم العربية، وما زالت قلة حية في أمتنا لا تنوي تصديق كل هذا الإحباط واليأس، ولا الامتثال له، رغم عجز سلسلة القمم السابقة عن ترجمة نداءات العقلنة والاستدراك والنهوض، إلى سياسات وبرامج يلتئم فيها الوطني والقومي في آن .
العربي اليوم يحلم بقمة تعلن البراءة من الإحباط والترويع المقرر على هذا الجيل، ويحلم بقمة تعلن العصيان على الزهايمر السياسي الذي هرَّب العمل العربي المشترك، وعَرَض تطلعات الأمة، في مزادات التدويل السرية والعلنية، وشحن مجتمعات عربية عديدة بالفتن والتوتير على مدار الساعة، وبخّر وعود التحرير والعودة للفلسطينيين، حتى صارت دولتهم الموعودة كلما دنت نأَت .
العربي اليوم يتطلع إلى قمة يتجاوز بها وعكته القومية، وما يعيشه من خذلان ونزيف وإنهاك نفسي ومعيشي، وخلل في سلمه الأهلي ولا يقين في المستقبل .
الاستدراك مطلوب، من خلال المراجعة والنقد الذاتي، وتعزيز ثقافة لا تتواطأ على الخلل، وخطاب لا يتستر على العيوب والخطأ، ولا يصمت على متواليات الخراب والغلو .
استدركوا يرحمكم الله، قبل البكاء على الاطلال .
أميرة بكلمتي- عضو راقى
- عدد المساهمات : 1832
تاريخ التسجيل : 09/08/2010
رد: القمة والاستدراك الأخير
يسلمووووووووووووووو
جزاكي الله خيرا
جزاكي الله خيرا
عذاري- منسق تابع للإداره
- عدد المساهمات : 12704
تاريخ التسجيل : 07/08/2010
الموقع : سلطنه عمان
مواضيع مماثلة
» Delete لهؤلاء لتصل إلى القمة !!
» تقرير مركز النديم لحقوق الإنسان الأخير عن مصر : نرجو الإضطلاع عليه للأهمية
» تقرير مركز النديم لحقوق الإنسان الأخير عن مصر : نرجو الإضطلاع عليه للأهمية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى