المشروع الاسلامي .. يحبو .. علي الطريق الصحيح
صفحة 1 من اصل 1
المشروع الاسلامي .. يحبو .. علي الطريق الصحيح
ظلت رسالة الاسلام و مقاصده نبراسا و دافعا محفزا للشعوب علي النهوض و اعلاء قيم التحضر الانساني ،انطلاقا من الدولة النبوية الي العصور الذهبية لدولة الخلافة ،عصور سطرها المسلمون بابداعات منبعها اجتهاد علماء عقدوا العزم علي التألق و الريادة في رسالة حضارية هدفها الانسان محور الحياة.
تلك الرسالة انجحت دول اسلامية متعاقبة احتكمت للشريعة الربانية و اجتهاد العقلاء تحفيزا للناس جميعا علي استنهاض طاقاتهم صوب حضارة اسلامية امتدت من اواسط أوروبا الي اواسط آسيا و عمق افريقيا ،وقتما كان الغرب يلهث في مذابح الهنود الحمر و ظلمات محاكم التفتيش.
تلك الرسالة تعطلت مع توقف الابداع و انحصار الاجتهاد بعدما اغلق باب التجديد في ظل احتكار السلطة الدينية في ايدي فقهاء السلطان و فلاسفة الحفظ و التلقين ،لتضح معالم السقوط و الانهيار و لتسود البدع و الخرافات و ليصبح نموذج رجل الدين هو ذلك الدرويش المجذوب او ذاك الغليظ متقعر الكلمات متنطع الافكار ضرره بالاسلام يغلب نفعه.
معالم التراجع و الانحطاط تلاقت مع طوفان الاستعمار الذي كان تجسيدا لنظرية الحرب صانعة الحضارات حيث امتصاص ثروات الدول عنوة لتغذية حضارة غربية حافز نهضتها دماء الشعوب ،ليستقيم لنا مشهد العالم الاسلامي المتقهقر مطلع القرن التاسع عشر.
فكان لزاما علي اصحاب الهمم احرار خير امة اخرجت للناس ان يصدعوا بالحق لاحياء الرسالة الحضارية للاسلام ،فتتابع الدعاة احمد بن عبد الوهاب ثم جيل الاصلاح و التحديث الافغاني و الكواكبي و محمد عبده ثم حسن البنا مؤسس جماعة الاخوان المسلمون ثم ابو الاعلي المودودي مؤسس الجماعة الاسلامية ،و غيرهم من اصحاب الدعوة لتدشين مشروع اسلامي يدعو الي تفعيل الاجتهاد جمعا بين الاصالة و المعاصرة معتبرا ان السياسة و نظم الحكم جزء لا يتجزأ من منهج الاسلام الاكثر قدرة علي تقويم المجتمعات و تسيير شئونها.
و لأن التغير في التركيبة الفكرية للمجتمعات الاسلامية قد احدث طفرة مستعصية توارثتها اجيال تربت علي النفور و التخوف من الحكم الاسلامي خاصة بعدما ترعرعوا علي بديل فكري زرعه الاستعمار ،بديل وفر لهم اختراعات و سلوكيات راقية لم يلمسوها بعدما جف منبع الاجتهاد الاسلامي لسنوات.
فكان رد فعل دعاة المشروع الاسلامي مترنح ما بين مهادنة انظمة الحكم المستبدة التابعة للغرب او الشرق و ما بين استنفار القوي الشعبية لاسقاط الانظمة القمعية.
و تأتي رياح صحوة التغيير العربي لينقلب السحر علي الساحر ،بعدما بلغ الافساد مبلغه في شعوب تختنق فقرا و جوعا و تخلفا ،شعوب تتطلع لفجر جديد و يوم وليد تتباري في ساحة الحرية لاحقاق كرامة الانسان.
فعلا خرج المارد الاسلامي من قيوده معلنا وجوده كبديل سياسي قادر علي مداواة أمراض المجتمع في خضم ترحيب شعبي جارف ينتظر ترياق المشروع الاسلامي ،و تتوالي الانتخابات ليتحمل قادة الحركات الاسلامية مسئولية انقاذ شعب و انجاح مشروع في اقل وقت و باقل تكلفة و باقل خسائر ،الامر الذي يتطلب سياسات ابداعية و قرارات تحفيزية متوالية تداعب ضمائر الشعوب دفعا للهمم و رفعا لقدراتها الانتاجية و تنشيطا لملكة الاجتهاد و التجديد.
و هو ما نفتقده حتي الآن في ظل خطوات متزنة تحبوا حبوا بطيئا نحو مجرد اثبات الوجود بالداخل و الخارج ،مرحلة اثبات الوجود نجحت في اسقاط مخلفات الانظمة السابقة و اكتساب ثقة الاغلبية و تهدئة الخارج ،لكنها فشلت في الانتقال لما بعد !!!
حتي الآن سياسات تقليدية معهوده في اعراف الدول ،لم ترتسم معها ملامح المشروع الاسلامي و ما يحمله من ابهار و عبقرية و تميز ،و هو ما يتنافي مع مسببات انجاح الدول الاسلامية في عصورها الذهبية خاصة ان صناع القرار رغم كونهم اسلاميون ،اصابهم عناء سنوات الكفاح بعدوي التخوف من تمرير المشروع الاسلامي بكامل قوته ،بل انهم وجدوا في سياسات الرأسمالية ملاذا لتطبيق اصلاحات اقتصادية ،بما يوحي بانعدام ابجديات الابداع و الاستسهال في اقتباس رؤي نمطية تدور في فلك ابداعات الغير و بقواعد الغير و بشروطهم ،قد يكون عامل الزمن غير كافي لتقييم نجاح التجربة الاولي لقادة العمل الاسلامي ،لكنه الزمن سيف يقطع في اعمار الامم و لا يبالي.
المشهد الحالي يحمل في طياته بريق امل نجاح عودة الروح لمشروع احياء الحضارة الاسلامية و صيرورة الحكم الاسلامي ،لكن التصوير البطئ و الاخراج المتعقل يلزمنا بالسعي نحو اعادة انتاج و افراز و بلورة اطياف اسلامية جديدة اكثر عزما و اصرارا علي التألق في صياغة و ابداع نموذج حضاري منفرد يحتاجه العالم.
يحي خلاف
يحيا خلاف- عضو جديد فى الساحه
- عدد المساهمات : 8
تاريخ التسجيل : 20/12/2010
مواضيع مماثلة
» على ذاك الطريق
» الصحيح في فضل شهر رجب ...
» الطريق إلي السعادة ........لكي تكون سعيدا في حياتك
» القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي تتوعد القذافي
» هنية: ثلاث مبشرات لانهيار المشروع الصهيوني وثلاثة مرتكزات لتحقيق التحرير
» الصحيح في فضل شهر رجب ...
» الطريق إلي السعادة ........لكي تكون سعيدا في حياتك
» القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي تتوعد القذافي
» هنية: ثلاث مبشرات لانهيار المشروع الصهيوني وثلاثة مرتكزات لتحقيق التحرير
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى